اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شرح لمعة الاعتقاد
213336 مشاهدة
الإرادة الشرعية

وأما الإرادة الشرعية الدينية فهي الأوامر والنواهي؛ سواء حصلت أو لم تحصل، فنقول: مثال ذلك: إن الله أراد منا جميعا الإيمان إرادة شرعية لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وقوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ خطاب للناس كلهم أن يتقوا، أراد الله تعالى دينا وشرعا من الخلق كلهم أن يتقوه، وخلقهم لعبادته؛ لقوله: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ أي من.. آمرهم وأنهاهم، فكل ذلك داخل في إرادة الله تعالى الدينية.
نعرف أيضا أن هذه الإرادة الدينية الشرعية لا يلزم وجود مراده.. فقد يريد الله تعالى من هذا الطاعة فلا يطيع، يريد من هذا الإيمان فلا يؤمن؛ لأن الله ما أراده كونا وقدرا.
فمن أراد الله تعالى هدايته كونا وقدرا اهتدى، ومن أراد الله هدايته من أمره الله تعالى بالاهتداء دينا وشرعا فقد يهتدي وقد لا يهتدي.
فالإرادة الشرعية محبوبة عند الله يحب مرادها، وقد يوجد مرادها وقد لا يوجد، فأراد الله تعالى من المؤمنين الإيمان دينا وشرعا فآمنوا، وأراد الله من الكفار الإيمان دينا وشرعا فلم يؤمنوا، أراد الله الإيمان من الخلق كلهم وأحبه منهم ولكن منهم من يؤمن ومنهم من لا يؤمن.
وأراد الله جميع أفعال العباد؛ يعني جميع ما يحدث في الكون أراده قضاء وقدرا، فحصل ذلك بإرادة الله.